في رحلتي المعتادة إلي العمل في أحد جوانب مصر الواسعة...رأيتها تجلس في صمت..في هدوء كسكون الليل أو أكثر .. وجدت نفسي أتأملها في دهشة وإستغراب لأنني كنت قد فقدت ذلك الشعور بوجود وجه يحمل تلك الملامح من الزمن القديم .. ملامح كأنها محفورة في صخر الجبل أو كأنها أحد تماثيل مصر القديمة التي مضي عليها أجيال و أجيال وأكسبها الزمن قوة وصمود .. أخذت أختلس النظرات إليها وأتأمل تلك الملامح الشرقية البحتة.. فالشرق في ذاته ما هو سوي ملامح وصفات وأحلام وأمنيات قادمة من الشرقيات..ودوماً ما تترك أنهار الشرق آثارها في الوجوه .. وقد كانت تلك المرأة أحد الوجوه المصرية الصميمة.. ترتدي ثوب يكاد أن يكون أبخس من ثمن القماش المصنوع منه؛ وتلف رأسها بشال أسود يحمل آثار الماضي السحيق ... وكانت ملامحها مشربة بالخمرية التي تحملها معظم نساء مصر.. وكانت يدها تحمل الكثير من المعاني بين كل تشقق فيها غير أن عينيها كانتا مختلفتين... فقد كانت تحمل في نظرتها تلك السعادة الحقيقية التي لا أعلم من أين أتت بها علي الرغم من تلك البساطة وذلك الهدوء الغريب؛ كانت تنظر الي الجميع في صمت دون إندهاش ولا عجب وكأنها تعلم أنه لا فرق بين الجميع سوي الإيمان والتقوي.. غير مبالية الأزياء الحديثة التي ترتديها الفتيات من حولها ولا من آثار المدنية التي ظهرت علي كل شئ..! وكنت أندهش من شعورها الحيادي تجاه هذا العالم الجديد.. ليتني أستطيع أن أحيا بداخلها ولو لبرهة حتي أري كيف تفكر وهي التي تأتي من خلف أسوار عصر قد مضي .. وابتسمت؛ فنحن نتصارع من أجل العديد من معوقات الحياة ونفكر وندبر ونستميت في التخطيط للحصول علي ما نريد حتي نصل الي قمة المدنية في الوقت التي تحيا تلك السيدة وأمثالها قانعين بأقل من القليل راضين بما قسمة الله ولا يشعرون بأنهم أقل أو أنهم تحت خط الحياة .. بل في الواقع يمتلكون من الرضا ما يضمن لهم سعادة لا تجدها في كل ممتلكات الأرض !
وجدت نفسي أمسك بالقلم وأنفاض في وصفها وكأني أحيا بها أو كأني أعرفها منذ أبعد الأزمنة....حتي ذلك الوشم علي يديها وتلك الزخارف البدوية علي وجهها كأنني أنا قد رسمتها .. وأصدقكم القول شعرت كأني صرخة الحياة علي يديها! وشعرت أني قد ذهبت بعيداً عن حياتي المعتادة وعن تلك الوجوه التي أراها كل يوم فلا أجد بها جديد .. شغلتني حتي عن أصوات من حولي؛ ولم أفق إلا علي أنه قد أزف وقت مغادرتي للترام وفهمت أنها النهاية ...!! وأن ذلك الوجه قد فارقني للأبد.. نظرت إليها ملياً فإبتسَمت وكأنها تودعني .. إبتسمت وغادرت وعدت أنا الي رشدي.....فإذا بي أحتفظ بملامحها وأحفظها عن ظهر قلب ...
وجدت نفسي أمسك بالقلم وأنفاض في وصفها وكأني أحيا بها أو كأني أعرفها منذ أبعد الأزمنة....حتي ذلك الوشم علي يديها وتلك الزخارف البدوية علي وجهها كأنني أنا قد رسمتها .. وأصدقكم القول شعرت كأني صرخة الحياة علي يديها! وشعرت أني قد ذهبت بعيداً عن حياتي المعتادة وعن تلك الوجوه التي أراها كل يوم فلا أجد بها جديد .. شغلتني حتي عن أصوات من حولي؛ ولم أفق إلا علي أنه قد أزف وقت مغادرتي للترام وفهمت أنها النهاية ...!! وأن ذلك الوجه قد فارقني للأبد.. نظرت إليها ملياً فإبتسَمت وكأنها تودعني .. إبتسمت وغادرت وعدت أنا الي رشدي.....فإذا بي أحتفظ بملامحها وأحفظها عن ظهر قلب ...
إنها ملامح لإمرأة من قلب مصر
مش كتير اللي ممكن يركز ويطلع كل التفاصيل دي ويفكر في حاجة عابرة بالعمق ده...أنتي أديبة بارعة يا لولي =))
ReplyDeleteالست ده كان يتكتب فيها أكتر من كده ... كانت عفوية بطريقة عمري ماشوفتها في أي حد...
ReplyDelete